إماطة الأذى عن الطريق من شعب الايمان
إماطة الأذى عن الطريق من شعب الايمان
إن من توفيق العبد وسعادته كف أذيته عن المسلمين ، ومن شقاوته عدم مبالاته في إيصال الضرر للعالمين ، وقد أخبر صلى الله عليه وسلم أن إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان ، ومن عزل حجرا أو شوكة أو عظما أو حفرة عن طريق الناس فقد سعى لنفسه بالأمان.
أخرج الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إِنَّ شَجَرَةً كَانَتْ تُؤْذِي الْمُسْلِمِينَ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَطَعَهَا فَدَخَلَ الْجَنَّةَ. فرحم الله عبدا كف أذيته عن الناس فلم يؤذهم بالتخلي في طرقهم ومساجدهم ومجالسهم.
وفي الصحيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الْإِيمَانِ.
كما يبيِّن لنا النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّ الإيمانَ شعبٌ بعضُها أعلى من بعض، فأعلى شعَب الإيمان وأولاها وأفضلُها النطق بكلمة التوحيد: "لا إله إلا الله" التي تقتضي إثباتَ العبادة لله، وأنّ الله وحدَه المعبود بحقّ، وما سواه فمعبودٌ بالباطل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ. فلا إله إلا الله معناها الحقيقي: لا معبود بحقٍّ إلا الله، فهي العُروة الوثقى، وهي كلِمة التقوى، وهي أصل الإسلام، لأجلِها خلَق الله الخلقَ وأنزل الكتب وأرسل الرّسل.
وبعد ذلك شعبٌ متفاوتة، فأدناها إماطةُ الأذى عن الطريق، أدنى شُعب الإيمان أن إزالة الأذى عن طريق المسلمين، تزيل ذلك الأذى الذي يعكِّر طريقَ المسلمين، يحول بينهم وبين انتظامِ سيرِهم في طريقهم، ذلك الأذى الذي يلحَق بالمارّ إما لكونه يمنَع من الطريق أو كونِه يلوّث ملابسهم ويؤذيهم برائحتِه المنتِنة إلى غير ذلك، فكلّ ما كان أذًى في الطريق فأزلتَه فإنك قد أتيتَ شعبةً من شعب الإيمان.
إذًا فالعناية بطريق المسلمين والاهتمامُ به خُلُق من خُلُق الإيمان، شعبةٌ من شعب الإيمان، خَصلةٌ من خصال الإيمان، وأدناها ـ أي: أدنى شعب الإيمان ـ أن تميطَ الأذى عن الطريق. فالنبي صلى الله عليه وسلم يرشِدنا أنَّ إزالة الأذى إيمان وعمَل صالح يتقرّب به العبدُ إلى الله